د. مزهر الدوري يكتب: مستجدات وتطورات الحرب الروسية الاوكرانية 

د. مزهر الدوري
د. مزهر الدوري

ان احتمالية المواجهة الحربية  بين حلف الناتو وروسيا لازالت غير  قائمة  في الوقت الحاضر لذا فان الازمة  تتجه بدلا من مجابهة مباشره بين واشنطن وموسكو (غير محتملة ) لانها ستكون كارثية على كلا الطرفين وعلى العالم لذا يسعى كلا الطرفين لحسمها لصالحه كل حسب قدرته وهدفه.

فروسيا تسعى لحسم الحرب باسرع وقت وهذا كان دافع زجها بكل  امكانياتها في بدء العمليات الحربية.

أما واشنطن والناتو فقد استخدموا امكانياتهم كلها مع حلفائهم لدعم اوكرانيا عسكريا وسوقيا وبالأسلحة الاستراتيجية المتقدمة وبالمرتزقه والعقوبات الاقتصادية والسياسية  وكل المجالات التي تؤثر على روسيا لاعاقتها عن تحقيق هذا الحسم بل امتد ذلك إلى المجالات الاخرى واستخدمت الامم المتحده غطاء لها دونما اعتبار لحيثيات النزاع و النطر الى خلفيات نشوبه  بين( روسيا واوكرانيا )ودور وشنطن وحلفائها في اعقاب الانقلاب الذي دعمته  واشنطن واوربا عام 2014 الذي اطاح بالنظام الحليف او الموالي  لموسكو الذي اجج.الازمة بين (موسكو وكيف)ومااعقب ذلك من سعي  الحلف الأطلسي لجعل اوكرانيا قاعدة لنشاطه الذي يهدد قلب روسيا فدفعها الى تحرك بسرعة  وكرد فعل لاستعادة وضم شبه جزيرة القرم اليها  ودعم انفصال جمهوريتي لوگانس ودونتسك في اقليم  دونباس الشرقي ( ذو الاكثرية الروسية ) والمحاذي لروسيا عسكريا ومن ثم ضم هاتين الجمهوريتن الى الاتحاد الفيدرالي الروسي باستفتاء اجرته فيهما.

وعودة للموضوع  ولولا الدعم السريع بالاسلحة المتطورة الغربية والمعلومات الاستخبارية والمستشارين الاطلسيين  لما صمدت اوكرانيا الا أسابيع  في احسن التوقعات ولان خلفيات الحرب الباردة بين الطرفين كانت حاضرة فاستانفت بكل قوة.

هنالك مسالة مهمة تضاف الى  موضوع الحرب ان الدعم المقدم من الغرب  يبقى محور ردع  تجاه تصميم بوتن وروسيا على المضي قدما في اانتراع الشرق الاوكراني ذي الاغلبية الروسية  لذا سيقوم الناتو بتحريض اطرافا  في اخرى لتوسيع الصراع العسكري مع روسيا  بذريعة ان روسيا هي التي بدات الحرب واحتمالية توسيع وتهديد واحتلال   دولا اوربية اخرى محادده لروسيا واوكرانيا وقريبة من ميدان الحرب كما فعلت بولونيا اشد حلفاء واشنطن  تبعية  وكما ادعت دول البلطيق ولاسيما فنلندا والسويد وحتى النمسا بان روسيا تهدد وجودها فطلبت الانضمام لحلف الناتو..

إلا أن أخطر هذه الدول استفزازا اليوم هي (ليتوانيا) فهذه الدولة ولاتفيا واستونيا تعد من الدول البلطيقية التي ضمت للاتحاد السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانيه 1945 (مع لاتفيا واستونيا) وكانت اسرع الدول التي أعلنت انفصالها عن الاتحاد السوفييتي  قبيل انهياره في ديسمبر عام 1991..

ثمة مسألة مهمة اخرى ان ليتوانيا تفصل روسيا جغرافيا  عن اهم مقاطعاتها الرئيسية (كاليينن گراد) التي تقع على بحر البلطيق والتي لم تعد تمتلك حدودا برية وبحرية مباشرة مع  روسيا  عدا فجوة (سوالكي) بعد انهيار الاتحاد السوفييتي  والذي اذا ما استولت عليه روسيا فستعزل  الدول البلطيقية الثلاثة عن بولندا. فمقاطعة (كالينين گراد) الروسية  تضم  ترسانة  بنت فيها روسيا اضخم القواعد الاستراتجية لمواجهة حلف الناتو واورببا الغربية اضافة الى انها قاعدة اسطول روسيا الوحيد في بحر البلطيق.

وقد قامت ليتوانيا بعد نشوب الحرب بين موسكو وكيف  بتقييد  وتفتيش حركة المواصلات (القاطارات والشاحنات التي تمر من خلالها ومنع ماتراه  للاستخدام العسكري  واللوجستي وهذا ماشكل  استفزازا  وتحديا  قد يدفع روسيا لعمل عسكري تستخدمه واشنطن والناتو تهديدا لاوربا والسلم الدولي فتوظفه لتأليب  الراي العام الدولي ضد موسكو (لاسيما  ان لتوانيا دولة صغيرة لاتساوي احدى جمهوريات روسيا الفيدرالية فتعداد نفوسها لايتجاوز المليوني نسمة  ومساحتها لاتتجاوز (65) كم مربعا بما يشكل ضغطا اساسيا  لحملة اعلامية غربية على روسيا و لتخويف جمهوريتي لاتفيا واستونيا ودول اخرى. صغيرةً من خطر ابتلاع روسيا لها فيتخذ الناتو  ذلك مبررا لزيادة التدخل بشكل مباشر  وهذا ما  يجري بتخطيط منه لاطالة امد الحرب وتوسيعها دون المواجهة المباشرة باسلحة التدمير الشامل او المواجهة النووية التي لازالت مستحيلة.

عموما فإن من يديرالحرب في موسكو يدرك ذلك ويتحرك باتجاهات  متعدده وحساب الخطوات والمناورة والمراهنه انعكاس  العقوبات الاوربية على اصحابها   اضافة لتوسيع الانشطة الاقتصادية والتجارية بين رو سيا والصين والهند  وايران وتركيا و الدول العربية والافريقية والاسيوية وامريكا اللاتينية  ومختلف دول العالم الاخرى.

وتعد دول رابطة الدول المستقلهً ولاسيما بلاروسيا المتاخمة لاوكرانيا واوربا هم الحلفاء الاساسيين لذا عمدت موسكو لتعزيز القدرات العسكرية لها  وكذلك لمد جسور المصالح مع دول انضمت للاتحاد الاوربي مثل بلغاريا وصربيا..

خلاصة القول ان  كلا الطرفين سيبقى يسعى لاحداث ظرف يملي عليه الذهاب  الى الحل السياسي والتفاوض  مجبرا(الذي يعد جوهر النصر لاحدى الجهتين) لان الحسم العسكري العاجل يعد  بعيد المنال لكلا الجانبين في المنظور القريب كما ان دور الامم المتحدة والمنظمات والدول الاقليمية لازال غير فاعل بسبب تعنت حلف الناتو وكون النظام الحاكم في كيف ليس صاحب الارادة والقرار وعدم قدرة موسكو على تفعيل دور هذه المنظمات ولاسيما مجلس الامن والامم المتحده.

د. مزهر الدوري 
سفير العراق السابق في موسكو